خيط رفيع، حاد، مُذَبذَب، يتأرجح بين طرفي نقيض، ما بين سعادة، حزن.. حب، كراهية.. شجاعة، جُبن.. إخلاص، خيانة.. هي النفس البشرية بكل ما تحمله من مُتناقضات تدفعنا أحيانًا إلى حافة الجنون.. لنجد أنفسنا مُعلقين بهذا الخيط الذي يحمل كُل أحلامنا، طموحنا، وحتى شرورنا، وآثامنا.. سائرون فوقه يحدونا الأمل في العبور إلى بر أمان، دون أن ينقطع ويُلقي بنا إلى الهاوية.

هذا الكتاب عبارة عن مجموعة قصصية طبعها خيالي المريض بشفرةٍ كلاميّةٍ توصلك إلى تصوُّرٍ ذهنيٍّ لِمَا بداخلِ رأسي المسافر. سترى في تلك المجموعة بعضَ القصص هدفها هو المتعة الخالصة، وبعضها يرغب في الإفادة، وبعضها أتى للاشيء، والبعض الآخر أتى للاشيء آخر. ستلتقي أيضًا ببعض القصص الغير مفهومة.. أرجوك لا تحاول فهمها، وطيلة مدة قراءتك لهذا الكتاب لا تحاول أن تفهم أو تفرح أو تحزن أو تتوهّج أو تضعُف أو تأكل أو تشرب أو حتى تأخذ حمامًا ساخنًا.. تحمَّم بالماء البارد فهو أفيد كما قالت «أمي» وهي تخرِّط العنب وتتابع المسلسل التركي التي تفضِّل مشاهدته على قراءة كلماتي. كل ما أطلبه منك هو أن تقرأ كلماتي ولا تفضِّل عليها المسلسل التركي كأمي.. وإن فعلت ولم تقرأ كلماتي.. فيا أخي إن شالله عنّك ما قرأتها!

سيلاحق الموت الجميع؛ العجوز والشباب والرضيع، سيأتيك في حادث أو مرض أو معافى. لن ينتظر ميعاد الغد الذي أعددت له، ولن يكون صابرًا حتى تكمل رسالتك، ولا سينتظرك حتى تخبر أحدًا بمصالحتك إياه. سيأتيك الموت وأنت حذرٌ للغاية التي تؤمِّن وتحفظ لك سلامتك.. سيأتيك بعد فحص طبي أثبت أنك بصحة جيده.. سيكون أقرب إليك بكثير، من أسهم الأمنيات الشاردة في ذهنك، أقرب إليك من إكمال بحثك، أو شراء سيارتك، أو إتمام زواجك.. سيلاحق الموت كل من تخلّف عن أسبابه، ليكون سبب الموت هو أنه بلا سبب..

وأخيرًا بعد أن قرأت مقالتي، وفهمت مقصدي، فعليك أن تلقيها من النافذة، أو تعيدها تحت أرجل مائدتك، حتى تدرك طعامك دون ضجر، وتملأ أمعاءك حد الطمع، ومن ثم تغط في نوم عميق. فما بالك تقرأ مقالًا، لا تعرف كاتبه، ولا قابلته ذات يوم، ولم يكن في زمانك حتى، بل كان أثرًا لوجود حي ليس له من الدنيا إلا ما كان، وليس له من الرزق إلا ما اكتسب. ما بك تقرأ أسطرًا سطرها عقل، احتلّه واقعه، وأثّرت فيه بيئته، وأغواه كثرة ماله، واغتاظ من قلته. ما لك تقرأ في زمان لا يُقرأ فيه، وتتفحص ما لا يغنيك مالًا أو يجلب لك كنزًا، أو يكسبك قوة، فهذا ورق وحبر، وما كنت أنت تهوى الحبر والورق.

يا أهالى الماضي.. يا سكان الكهوف.. يا من تنعمون بشيءٍ من الحرية والطبيعة والراحة والصدق.. لا تخرجوا من كهوفكم.. إنها الأمان، جدرانها تحميكم من كل مكروهٍ وسوء.. إنها الوطن والسكن.. إن خرجتم منها سوف تفقدون أحباءكم فى ظل الحياة الاجتماعية التي صنعتها أيديكم عن حبٍ وجهلٍ ورغبةٍ ساعيةٍ وراء سراب التقدم واشتهاء المزيد.. لا تخرجوا فقد تضلِّوا وتُضَلُّوا وتقتلوا وتُقتَلوا، وتحاربوا وتتقدموا لتحاربوا أكثر فأكثر .. سوف تستعبدون بعضكم البعض وتستعبدكم عاداتكم وتقاليدكم، سوف ترجّحون ما قاله أباءكم على ما قاله ربكم، سوف تفقدون عقلكم وتفكيركم وأجسادكم وأجساد ذريتكم

ديوان شعر يشرح عبر قصائده كيف يؤثِّر المجتمع فينا، ويكون هذا التأثير في أغلب الأحيان تأثيرًا سلبيًا. كما يناقش كيف يمكن أن نصمد أمام الحياة، وكيف ننجح رُغمًا عنها؟